الملك عبد العزيز آل سعود

الملك عبد العزيز آل سعود: موحِّد المملكة وباني المجد
من قلب الصحراء، وتحديدًا في مدينة الرياض، وُلد عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود عام 1876، في زمنٍ مضطرب كانت فيه الجزيرة العربية تموج بالفرقة والصراعات. لكن هذا الطفل البدوي لم يكن عاديًا، فقد حمل منذ صغره حلمًا أكبر من الرمال، وأوسع من السماء: أن يوحّد أرض أجداده ويقيم دولة قوية، مزدهرة، تنشر الأمن بعد أن عاشت عقودًا في الخوف.
النفي.. ثم العودة كالعاصفة
في سن العاشرة، خرج عبد العزيز مع أسرته إلى المنفى في الكويت بعد سقوط الرياض. لكنه لم ينسَ يومًا أرضه، ولا راوده شك في أنه سيعود يومًا لاستعادتها. وفي عام 1902، وهو لم يبلغ الثلاثين بعد، عاد في رحلة بطولية لا تُنسى، واقتحم قصر المصمك برجاله الأوفياء، ليستعيد الرياض ويبدأ رحلة التوحيد، حجرًا فوق حجر.
توحيد الجزيرة.. معجزة العصر
لم يكن ما فعله عبد العزيز فتحًا لمدينة، بل بداية لتأسيس وطن. جال القبائل، وخاض معارك، وأقام تحالفات، وكان يحمل معه سيفًا في يد، وحكمة في الأخرى. وعلى مدى ثلاثين عامًا، استطاع توحيد معظم مناطق شبه الجزيرة، ليعلن في 23 سبتمبر 1932 قيام المملكة العربية السعودية، دولة حديثة قوية، ترفرف رايتها بـ”لا إله إلا الله محمد رسول الله”.
القائد الحكيم والملك الأب
لم يكن عبد العزيز مجرد محارب، بل كان حاكمًا فطنًا، بنى دولته على العدل والشورى، ووضع اللبنات الأولى لمؤسسات الحكم والإدارة، واهتم بالتعليم والصحة والأمن. وكان يستمع لرعيّته، يجلس معهم، ويتفقد أحوالهم بنفسه. أحبه شعبه لأنه كان قريبًا منهم، وأحبه العالم لأنه كان يحكم بعين القائد وقلب الأب.
رؤية المستقبل وبداية النهضة
في أواخر حياته، بدأ عبد العزيز يضع الأسس لرؤية مستقبلية عمادها الاستقرار والتنمية. اكتُشف النفط في عهده، فتعامل معه بحكمة، وربط بين ثروات الأرض والازدهار الحقيقي. وأسس علاقات دبلوماسية متزنة مع العالم، جعلت من السعودية دولة يُحسب لها ألف حساب في محيطها العربي والإسلامي والدولي.
الرحيل.. وبقاء الأثر
في عام 1953، رحل الملك عبد العزيز إلى جوار ربه، بعد أن تحوّلت أمانيه من رمال منثورة إلى وطن شامخ. ترك خلفه دولة راسخة، وشعبًا موحدًا، وأبناءً أكملوا مسيرته، فصار اسمه محفورًا في ذاكرة العرب، ورايته خفاقة على واحدة من أهم دول العالم.
إرث لا يُنسى في قلب كل سعودي
كان الملك عبد العزيز رجلًا صنع من الصحراء دولة، ومن الشتات وحدة، ومن التحديات مجدًا خالدًا. سيظل في ذاكرة كل سعودي وعربي رمزًا للشجاعة، والحكمة، والإرادة التي لا تنكسر. إنه “المؤسس”، الذي بدأت معه حكاية المجد، وما زالت مستمرة.
Add a review
Your email address will not be published. Required fields are marked *